أعلنت صحيفة "فايننشال تايمز"، نقلاً عن إحصائيات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أنه بين عامي 2020 و2021، حققت إيران أسرع نمو في معدل الهجرة إلى الدول الغنية في العالم، بزيادة قدرها 141 بالمئة. وارتفع عدد مهاجريها من 48 ألفا عام 2020 إلى 115 ألفا عام 2021.
الإيرانيون في مرحلة الهجرة الجماعية غير المنضبطة
وقال مرصد الهجرة الإيراني إن إيران تمر بمرحلة "هجرة جماعية غير منضبطة"، مشيرا إلى زيادة حادة في طلبات الإيرانيين للحصول على اللجوء أو تأشيرات العمل والدراسة بالخارج في السنوات الأخيرة.
وبحسب تحليل المنظمة الدولية للهجرة لبيانات وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإن عدد طلبات اللجوء الجديدة المقدمة من الإيرانيين بجميع أنحاء العالم في عام 2022 ارتفع بنسبة 44 بالمئة مقارنة بالعام السابق.
كما ارتفع عدد الطلاب الإيرانيين الذين يدرسون في الخارج لمدة ثماني سنوات متتالية، من 49 ألفًا في عام 2013 إلى 70 ألفًا في عام 2021.
وفي تقريرها الصادر اليوم الثلاثاء 21 تشرين الثاني(نوفمبر)، وصفت صحيفة "فايننشال تايمز"، نقلاً عن محللين، المشاكل الاقتصادية والسياسية بأنها القوة الدافعة وراء الهجرة ولجوء الإيرانيين.
وقد تجاوز معدل التضخم في إيران 40 % في السنوات الأربع الماضية، وقد واجه النظام الإيراني الانتفاضة الشعبية والاحتجاجات الجماهيرية للشعب بشكل عنيف بعد مقتل مهسا أميني.
ومن ناحية أخرى، فإن استمرار التوترات الجيوسياسية بين طهران ومنافسيها والخوف من أن تنجر إيران، باعتبارها داعمة للجماعات المناهضة لإسرائيل والمعادية للولايات المتحدة في المنطقة، إلى صراع أوسع إذا تصاعدت الحرب في غزة، هي عوامل أخرى في نمو الهجرة.
ويذهب المهاجرون الإيرانيون عادة إلى أميركا وأستراليا وكندا وأوروبا، لكن التطور المستمر للدول المجاورة في منطقة الخليج جعل الدول العربية مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر وعمان وجهة جذابة للباحثين عن عمل.
وبحسب تقرير المنظمة الدولية للهجرة، أصبحت تركيا أيضًا وجهة مرغوبة للمهاجرين الإيرانيين في السنوات الأخيرة.
قلق من هجرة رجال الأعمال والطاقم الطبي
ومن بين أولئك الذين يغادرون إيران الرياضيون المحترفون والفنانون والعمال المهرة وفنيو النخبة، فضلاً عن عدد كبير من الإيرانيين الفقراء الذين غالبا ما يعبرون طرقا خطرة للوصول إلى الدول الغربية.
ومنذ بداية عام 2018 حتى مارس 2023، شكل الإيرانيون أكبر مجموعة تعبر القناة الإنجليزية في قوارب صغيرة يديرها مهربو البشر.
وبحسب مرصد الهجرة بجامعة أكسفورد، فقد عبر 18 ألف إيراني هذا المعبر: أي ما يعادل 21 % من إجمالي الأشخاص الذين عبروا القناة الإنجليزية خلال تلك الفترة.
كما أدت الهجرة بين العاملين في مجال الرعاية الصحية في إيران إلى قلق المسؤولين.
وقال الأمين العام لدار التمريض، محمد شريفي مقدم، مؤخرا إن عدد الممرضين الذين يغادرون البلاد كل عام يصل إلى 3000 ممرض، لكن وزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي لا تضيف حتى هذا العدد إلى الطاقم الطبي.
ووفقا لما قاله شريفي مقدم، فإن وجهة هجرة الممرضين هي ألمانيا، وأميركا، وأستراليا، وكندا، لأنه في هذه البلدان يمكنهم بسهولة كسب 2500 يورو شهريًا بدلاً من 200 يورو شهريًا في إيران.
وبالإضافة إلى الممرضين، زادت أيضًا الهجرة بين الأطباء، بحيث طلب ما يقرب من 10000 طبيب خلال العامين الماضيين الحصول على الشهادات المهنية التي تطلبها بلدان المقصد من الأطباء الأجانب.
كما شهدت صناعة التكنولوجيا في إيران نمواً مماثلاً في معدل الهجرة.
وقال أحد مستشاري وزير الشؤون الاقتصادية والمالية منذ وقت ليس ببعيد إن 50 % من شركات التكنولوجيا الناشئة في إيران تقدمت بطلبات للعمل في الخارج.
وأكد مدير مرصد الهجرة الإيراني، بهرام صلواتي، أنه خلال الأعوام 2019 إلى 2022، تم إصدار حوالي ألفي تأشيرة للشركات الناشئة لرواد الأعمال الإيرانيين في كندا وإنجلترا.
وقال محلل الاقتصاد الرقمي، نيما نامداري، لصحيفة "فايننشال تايمز": "يعتقد عدد من خبراء صناعة التكنولوجيا أن إيران تمثل بيئة محفوفة بالمخاطر للشركات الناشئة بسبب توقعاتها الاقتصادية غير المستقرة".
ووحسب قوله، أدت موجة الهجرة الجماعية إلى إفراغ النظام البيئي للشركات الناشئة في إيران.
وعلى الرغم من ذلك، تقلل السلطات الإيرانية من المخاوف بشأن النمو المتزايد للهجرة.
فقد أكد روح الله دهقاني فيروزآبادي، مساعد إبراهيم رئيسي، مؤخراً، أن بيانات الهجرة "ليست مثيرة للقلق على الإطلاق".
وقال "رئيسي" مؤخرا إن هجرة الأطباء هي عملية يمكن أن تصبح "عكسية".
و"أكد" أن فرص الأعمال اللائقة تنتظر العائدين إلى إيران.
في المقابل، قالت المنظمة الدولية للهجرة في تقريرها لعام 2021، إن سياسات الحكومة الإيرانية لإدارة الهجرة وتشجيع عودة المهاجرين "مربكة".
ويشعر العديد ممن بقوا في إيران أن أمامهم خيارات قليلة للانضمام إلى موجة الهجرة ومغادرة البلاد.
وفي نهاية تقريرها، كتبت صحيفة "فايننشال تايمز" نقلاً عن موسيقي إيراني: "بالنسبة للعديد من الإيرانيين، بما في ذلك الموسيقيون المستقلون، ليس هناك خيار سوى حزم حقائبهم".