بحسب إعلان العميد أحمد وحيدي، وزير الداخلية الإيراني، فقد تم ترشيح 80 شخصًا للانتخابات الرئاسية. ولا يعني هذا التسجيل وجود هؤلاء الـ80 شخصًا في المنافسات النهائية.

ويجب أن تتم الموافقة على مؤهلات هؤلاء المرشحين من قبل مجلس صيانة الدستور وفقًا للمادة 118 من الدستور، ويتمتع هذا المجلس بسلطة استبعاد المرشحين وفقًا للقانون والعُرف السياسي للنظام الإيراني.

وفي الواقع، فإن مجلس صيانة الدستور هو الذي يقرر من يمكنه الترشح للانتخابات ومن لا يستطيع ذلك. الاستثناء الوحيد هو المرسوم الحكومي الذي يصدره المرشد، الذي يمكنه أن يأمر مجلس صيانة الدستور بإعادة النظر في قراره بشأن المرشح (مثل تأكيد أهلية مصطفى معين، المرشح الإصلاحي في انتخابات 2005).

ولدى مجلس صيانة الدستور مهلة مدتها عشرة أيام لمراجعة مؤهلات المرشحين، لكنه يمكن أن لا يستخدم كل هذه الأيام العشرة ويعلن الأسماء النهائية للمرشحين قبل 11 يونيو(حزيران). ويستفسر هذا المجلس من أربع مؤسسات للتحقق من مؤهلات المرشحين وفقًا للقانون. ويعني هذا الاستفسار ما إذا كان المرشحون، في نظر هذه المؤسسات، لديهم مانع من خوض الانتخابات أم لا، وهذه المؤسسات هي:

السلطة القضائية

تعد أحد المصادر الأربعة التي تعطي الرأي في مؤهلات المرشحين للرئاسة. ويتم هذا التحقيق من قبل مكتب المدعي العام وفقًا للعُرف القائم.

ويترأس السلطة القضائية، في الوقت الحالي، غلام حسين محسني ايجه إي، الذي كان أحد كبار الشخصيات الاستخباراتية والأمنية والقضائية في إيران في العقود الأربعة الماضية، ويحظى بثقة كبيرة من قبل المرشد علي خامنئي، وقد شغل سابقًا منصب وزير الاستخبارات، والنائب العام للبلاد، والمدعي العام للمحكمة الخاصة لرجال الدين.

وقد أصبح "إيجه إي" شخصية إعلامية بعد محاكمة غلام حسين كرباسجي، عمدة طهران، عام 1998، كما أن النائب العام للبلاد، الذي يرد على تحقيق مجلس صيانة الدستور تحت إشراف إيجه إي، هو الآن محمد كاظم موحدي آزاد. وكان سابقًا رئيسًا للمحاكم الثورية في طهران وشغل أيضًا منصب محقق ونائب المدعي العام.

وزارة الاستخبارات

تلعب وزارة الاستخبارات، باعتبارها أقدم مؤسسة استخباراتية في إيران، دورًا رئيسيًا في التأكد من مؤهلات المرشحين للرئاسة. وفي انتخابات 2012، التي شهدت أهم عملية إقصاء وأكثرها إثارة للجدل في تاريخ انتخابات النظام الإيراني، لعبت هذه الوزارة دورًا مهمًا في استبعاد علي أكبر هاشمي رفسنجاني.

وتشير الروايات الصحيحة إلى أن حيدر مصلحي، وزير الاستخبارات آنذاك، كان حاضراً في اجتماع مجلس صيانة الدستور وأوصى بتنحية رفسنجاني. وفي عام 2021 أيضًا، نُسب تنحية علي لاريجاني إلى تقرير وزارة الاستخبارات حول إقامة ابنته في بريطانيا، على الرغم من أن وزارة الاستخبارات لم تؤكد ذلك رسميًا. ويشغل منصب وزير الاستخبارات حالياً إسماعيل خطيب، أحد القادة القدامى في إدارات الاستخبارات والأمن في الحرس الثوري الإيراني.

قوى الأمن الداخلي

تعد قوى الأمن الداخلي من أهم المصادر الأربعة لاستفسار مجلس صيانة الدستور عن سجلات المرشحين.

وهناك ثلاثة مناصب مهمة داخل قوى الأمن الداخلي يمكن أن تكون فعالة وحاسمة فيما يتعلق بتقرير هذه الهيئة حول المرشحين، وهي الآن في أيدي كبار قادة الحرس الثوري الإيراني. أول هذه المناصب الثلاثة هو قائد قوى الأمن الداخلي العميد أحمد رضا رادان، وهو أحد القادة القدامى في الحرس الثوري الإيراني وله تاريخ 42 عامًا من العضوية في هذه المؤسسة.

إضافة إلى رئيس منظمة استخبارات الأمن الداخلي، وهي منظمة حديثة النشأة عام 2021، ويرأسها العميد غلام رضا رضائيان، وهو أيضًا عضو قديم في الحرس الثوري الإيراني. أما المنصب الثالث فهو رئيس منظمة حماية المعلومات في قوات الشرطة، ويشغل ذلك المنصب حالياً العميد محسن فتحي زاده، وهو الحاسم في إعلان الرأي حول سجلات المرشحين.

ويعد وجود مثل هذا المزيج من قادة الحرس الثوري الإيراني على رأس قوة الشرطة عاملاً يمكن أن يكون حاسمًا في رأيهم النهائي حول المرشحين، خاصة أن العديد من المرشحين الرئاسيين الحاليين ينتمون إلى مجموعات قوى مختلفة داخل الحرس الثوري الإيراني ويتنافسون مع بعضهم البعض ومع مرشحين ليسوا أعضاء في الحرس الثوري الإيراني للفوز بكرسي الرئاسة.

منظمة السجل المدني

مؤسسة السجل المدني تعد أحد فروع وزارة الداخلية، ورغم أنها إحدى الجهات الأربع فيما يتعلق بمؤهلات المرشحين، إلا أنها لا تتمتع بسلطة أو تأثير كبير في عملية تثبيت المؤهلات مقارنة بالمؤسسات الثلاث الأخرى، وهي القضاء ووزارة الاستخبارات وقوى الأمن الداخلي. ورئاسة هذه المنظمة حاليًا تحت مسؤولية أحد قادة الباسيج في الحرس الثوري الإيراني.

منظمة استخبارات الحرس الثوري

رغم أن منظمة استخبارات الحرس الثوري ليست رسمياً جزءًا من الهيئات الأربع فيما يتعلق بمؤهلات المرشحين، فإن هذه المنظمة أصبحت أكثر منظمة استخباراتية نفوذاً في البلاد في السنوات الأخيرة بدعم من علي خامنئي، ويمكن أن تكون تقاريرها أكثر فعالية في رفض أو تأكيد أهلية المرشحين من المراجع الأربعة السابقة.

بالإضافة إلى ذلك، ووفقًا لقانون التعيين في الوظائف الحساسة، فإن جهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني هو إحدى الجهات المسؤولة عن الاستفسار قبل تعيين المسؤولين في الوظائف الحساسة. وتخضع استخبارات الحرس الثوري الإيراني الآن لقيادة العميد في الحرس الثوري الإيراني محمد كاظمي، الذي كان قائد حماية المعلومات في الحرس الثوري الإيراني لسنوات عديدة.

ويقال إن هذه المؤسسة قريبة جداً من مجتبى خامنئي، نجل المرشد، ويستشيرها مجلس صيانة الدستور باستمرار في تأهيل المرشحين للانتخابات دون أن يكون مسؤولاً رسمياً عن آرائها وتدخلاتها وتأثيراتها.

وحدة حماية المعلومات التابعة لجهاز مخابرات الحرس الثوري

منظمة حماية المعلومات التابعة للحرس الثوري ليست رسمياً من بين المراجع الأربعة فيما يتعلق بتاكيد أو رفض مؤهلات المرشحين، لكنها مثل استخبارات الحرس الثوري مهمة ومؤثرة في القرارات السياسية المتعلقة برئيس الحكومة والوظائف الحساسة. وقائد هذه هو العميد مجيد خادمي، الذي كان سابقًا قائد حماية المعلومات في وزارة الدفاع.

ورغم أن القوانين الحالية تشير إلى استفسارات من أربع مؤسسات حول سجلات المرشحين، فإن مجلس صيانة الدستور يرى أن تقارير هذه المؤسسات عن المرشحين ليست ملزمة، وأن هذا المجلس يمكنه الحصول على معلومات عن المرشحين من مؤسسات استخباراتية وأمنية أخرى وحتى الأشخاص العاديين.

وفي الوقت نفسه، يرى مجلس صيانة الدستور أن آراء هذه المؤسسات استشارية، وأن التصويت النهائي على المرشحين يتم اعتماده وإعلانه من قبل المجلس نفسه.

يذكر أن كل مرشح يحتاج إلى التصويت الإيجابي من 7 أعضاء من أصل 12 عضوًا في مجلس صيانة الدستور لتأكيد أهليته، وفق الإجراء القانوني الحالي. ومع ذلك فإن العُرف القائم يدل على أن فقهاء مجلس صيانة الدستور الستة لهم وزن أكبر في اتخاذ قرارات هذا المجلس من خبرائه القانونيين الستة.

ويرى الكثير من محللي الشأن الإيراني أن أسماء المرشحين النهائيين للانتخابات الرئاسية، عملياً، يتم إعلانها بموافقة المرشد الإيراني ونفوذ مؤسسة بيت المرشد، بالإضافة إلى أن الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات لهما تأثير كبير على القرارات والتوجهات، على الرغم من أن مجلس صيانة الدستور يتمتع رسمياً بصلاحيات كثيرة لرفض أو الموافقة على مؤهلات المرشحين.

والأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن مجلس صيانة الدستور يعلن دائمًا أنه لا يستبعد أي مرشح، لكنه قد لا يؤهله لرئاسة الجمهورية. وهذا النوع من التلاعب بالألفاظ أدى عملياً إلى إقصاء العديد من المرشحين الذين يعتقد مجلس صيانة الدستور أنهم قد لا يكونون مرغوبين من قبل مرشد النظام؛ وهم المرشحون الذين شكلوا قائمة طويلة من كبار المسؤولين في إيران، بما في ذلك رئيسان سابقان (رفسنجاني وأحمدي نجاد) ورئيس البرلمان السابق (لاريجاني) والعديد من كبار المسؤولين الآخرين.

مزيد من الأخبار