في وقت تمكّنت فيه روسيا من التوصل إلى اتفاق مع الحكام الجدد في دمشق باستمرار وجود قواعدها العسكرية في سوريا، اضطرت إيران إلى سحب قواتها من الأرضي السورية، وهي عملية وصفها مسؤولون أميركيون بأنها "هزيمة كارثية" لطهران.
ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال"، اليوم الثلاثاء 7 يناير (كانون الثاني)، مقالًا تناولت فيه مصير القوات الإيرانية في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد خلال 11 يومًا، وقارنت ذلك باستمرار الوجود الروسي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة السورية الجديدة، التي قاتل قادتها لسنوات طويلة ضد النظام المدعوم من طهران وضحّى بعضهم بحياته، تعتبر إيران تهديدًا كبيرًا وتعتزم بذل جهود لمنع إعادة بناء الوجود العسكري الإيراني في سوريا.
ووفقًا للتقرير، فإن الجهود المبذولة لإبعاد إيران عن سوريا تتعارض مع نهج الحكومة الجديدة تجاه الداعم الرئيسي الآخر للأسد، وهو روسيا، التي تمكّنت حتى الآن من الحفاظ على قواعدها العسكرية في سوريا، وهي تتفاوض لاستمرار وجودها هناك، بينما منحت موسكو اللجوء لبشار الأسد، رئيس النظام السوري السابق.
وأعلن أحمد الشرع، المعروف بـ"أبو محمد الجولاني"، قائد هيئة تحرير الشام التي تسيطر الآن على دمشق، أن المعارضين أعادوا مشروع إيران الإقليمي 40 عامًا إلى الوراء من خلال الإطاحة بنظام الأسد.
وقال في مقابلة مع صحيفة" الشرق الأوسط" في ديسمبر (كانون الأول) الماضي: "بإزالة الميليشيات الإيرانية وإغلاق أبواب سوريا أمام النفوذ الإيراني، قدمنا خدمة لصالح المنطقة وقمنا بذلك بأقل الخسائر؛ وهو ما لم تستطع تحقيقه الدبلوماسية والضغوط الخارجية".
مقارنة بين إيران وروسيا
وأضافت الصحيفة، في إشارة إلى تفتيش حقيبة دبلوماسي إيراني في مطار بيروت يوم 4 يناير (كانون الثاني) الجاري، أن تقارير مؤكدة من مسؤولين غربيين تشير إلى أن إيران، بعد فقدانها سوريا التي كانت بمثابة الجسر البري لها ولحزب الله اللبناني، تحاول زيادة مساعداتها المالية المباشرة لحزب الله.
ويرى مسؤولون أميركيون أن إيران ستحاول إعادة بناء جسرها البري (سوريا)، لكن يبدو أن ذلك سيكون صعبًا على الأقل في المدى القصير.
وقال مسؤول أميركي رفيع إنه من غير المرجح أن تسمح هيئة تحرير الشام للحرس الثوري الإيراني بإعادة بناء وجوده العسكري في سوريا، نظرًا لأن الحرس كان داعمًا رئيسيًا للأسد لفترة طويلة.
وأعرب مسؤولون أميركيون عن قلقهم من أن تحاول طهران على المدى الطويل إعادة بناء نفوذها في سوريا، "من خلال إعادة تفعيل الشبكات القديمة والاستفادة من عدم الاستقرار المحتمل في بلد لا يزال منقسمًا بين جماعات مسلحة ذات أهداف وأيديولوجيات متضاربة".
ووصف أندرو تاب، المدير السابق لشؤون سوريا في مجلس الأمن القومي الأميركي، هزيمة إيران في سوريا بأنها "كارثية"، قائلًا: "مدى جدية هذه الهزيمة يعتمد على ما إذا كانت سوريا ستبقى موحدة أم لا. قد تجد إيران طريقًا للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال دون حل في النظام الجديد".
وأشارت الصحيفة أيضًا إلى تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي، ووسائل الإعلام المقربة من الحرس الثوري، حول "تغيير وشيك في الأوضاع في سوريا"، لكنها رأت أن مثل هذا التغيير يبدو غير مرجح.
خامنئي وسوريا
ووفقًا للتقرير، أصبحت إيران أكثر عرضة للخطر. فالهجمات الجوية الإسرائيلية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي دمرت أنظمة الدفاع الجوي الاستراتيجية الإيرانية، وألحقت أضرارًا كبيرة بمنشآت إنتاج الصواريخ، مما جعل إيران عرضة للهجمات المستقبلية.
بالإضافة إلى ذلك، استنفدت إيران جزءًا من ترسانتها من الصواريخ الباليستية والكروز بعد هجومين على إسرائيل العام الماضي، أحدهما في أبريل (نيسان) والآخر في أكتوبر (تشرين الأول) 2024.
في الوقت نفسه، تتزايد الاضطرابات في طهران بسبب الأزمة الاقتصادية وارتفاع التضخم. إلى جانب ذلك، من المرجح أن تفرض إدارة دونالد ترامب الجديدة في الولايات المتحدة المزيد من العقوبات الصارمة في إطار إعادة حملة "الضغوط القصوى" مجددا.