بعد إعلان بغداد البحث عن بدائل.. هل ستتوقف صادرات إيران "غير الخاضعة للعقوبات" إلى العراق؟
يسعى المسؤولون العراقيون إلى إيجاد مصادر بديلة لاستيراد الغاز والكهرباء، عوضًا عن شرائهما من إيران، وهي موارد وصفتها طهران بأنها "غير خاضعة للعقوبات خلال فترات الحظر".
وكانت صادرات الطاقة الإيرانية إلى العراق من بين القنوات القليلة، التي تمكّنت خلالها طهران من تأمين التمويل خلال فترات العقوبات؛ حيث منحت الولايات المتحدة إعفاءً خاصًا لهذه الصادرات؛ نظرًا للظروف الفريدة للعراق.
وكانت وزارة الكهرباء العراقية، قد أعلنت أمس الخميس، 13 مارس (آذار)، أنها تبحث عن بدائل للغاز الإيراني، رغم الإعفاء الأميركي لاستيراد الغاز من طهران، وقد تلجأ إلى الاستيراد من قطر وسلطنة عمان.
وجاء هذا القرار بعد نحو أسبوع من إعلان وزارة الخارجية الأميركية، أنها لن تمدد إعفاء العراق من العقوبات على شراء الكهرباء من إيران، وهو ما يتزامن مع انتهاء مدة الإعفاء السابق.
وأكدت الخارجية الأميركية عزم واشنطن على منع أي تخفيف للضغوط الاقتصادية المفروضة على النظام الإيراني.
أهمية الغاز والكهرباء الإيرانيين للعراق
تعتمد العراق بشكل كبير على الكهرباء الإيرانية، لا سيما في فترات الصيف الملتهبة، كما أن الغاز الإيراني ضروري لتشغيل محطات الطاقة العراقية. وأوضحت وزارة الكهرباء العراقية أن أي حظر محتمل على استيراد الغاز من إيران قد يؤدي إلى انخفاض إنتاج العراق اليومي من الكهرباء، البالغ 27 ألف ميغاواط، إلى الثلث.
ولهذا السبب، ورغم فرض أقسى العقوبات، منحت الولايات المتحدة العراق إعفاءً مستمرًا لاستيراد الغاز والكهرباء من إيران.
ولكن الآن، ومع ولاية جديدة للرئيس دونالد ترامب، وفي ظل استئناف تطبيق سياسة "الضغط الأقصى" زادت الضغوط الأميركية على طهران، حيث أكدت تصريحات البيت الأبيض أن واشنطن تستهدف أحد آخر الموارد المالية الحيوية للنظام الإيراني.
العراق يبحث عن بدائل
يواجه العراق الآن تحديًا كبيرًا في سبيل إيجاد بدائل لتلبية احتياجاته الحيوية من الطاقة. ومع ذلك، أكد ثلاثة مسؤولين عراقيين بارزين في قطاع الطاقة، في 9 مارس الجاري، أن البلاد لا تملك حاليًا خيارًا "بديلاً فوريًا" للطاقة المستوردة من إيران.
لكن الدلائل تشير إلى أن العراق يسعى بجدية لإيجاد بدائل.
وأعلنت وزارة الكهرباء العراقية أن الحكومة لديها إرادة سياسية لتنويع مصادر الغاز وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وفي هذا السياق، صرّح دبلوماسي أميركي لوكالة "فرانس برس" بأن "قطر، باعتبارها أكبر منتج للغاز الطبيعي، مستعدة لمساعدة العراق بأسعار تفضيلية".
أهمية صادرات الطاقة إلى العراق بالنسبة لإيران
يفتقر العراق إلى البنية التحتية اللازمة لإنتاج الكهرباء ونقل الغاز محليًا، ولذلك تعتمد بغداد منذ سنوات على إيران لتوفير جزء كبير من احتياجاتها من الطاقة.
ووفقًا لاتفاق تم توقيعه في مارس 2024، التزمت إيران بتصدير 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا إلى العراق، في صفقة تبلغ قيمتها نحو 6 مليارات دولار سنويًا.
كما وقّع العراق، في يوليو (تموز) 2022، عقدًا لمدة خمس سنوات لاستيراد 400 ميغاواط من الكهرباء من إيران.
وبالنسبة لإيران، فإن العائدات المتأتية من تصدير الغاز إلى العراق تعتبر ذات أهمية استراتيجية، لدرجة أنها في 2023 وافقت على إطلاق سراح خمسة سجناء أميركيين مقابل الإفراج عن 6 مليارات دولار من أموالها المجمدة في كوريا الجنوبية، بعد مفاوضات طويلة.
ورغم أزمة نقص الغاز والكهرباء، التي تواجهها إيران داخليًا، والتي أجبرت الحكومة على إجبار المحطات الكهربائية على استخدام زيت الوقود أو حتى التوقف عن العمل، فإن صادرات الغاز والكهرباء إلى العراق لم تتوقف أبدًا.