إيرانيون عن الأزمة مع واشنطن: محادثات أو حرب.. سنعاني في كل الأحوال

"إيران إنسايدر"
"إيران إنسايدر"

تقارير من متابعين داخل إيران

يُقال إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أرسل رسالة إلى المرشد الإيراني، وأنها ذات أهمية. ربما هذا صحيح، لكن لا أحد ممن أعرفهم يبدو أنه يهتم.

زهرة (36 عامًا) مستشارة قانونية، تكاد تنفجر غضبًا عندما أثير هذا الموضوع، وتقول: "إنهم يستمرون في القول إن إيران عند مفترق طرق. ولكن هل هو حقًا مفترق طرق إذا استمر لسنوات؟ لأننا نسمع هذا منذ ما وعيت".

تستمر زهرة في التعبير عن غضبها: "يبدو أن ترامب أخبر خامنئي إما أن يعقد صفقة أو يستعد للحرب".

وتضيف: "لكنني أعتقد أنه سيتفادى هذا أيضًا، وسيبيع المزيد لصالح الصين وروسيا، ويشتري الوقت، ويبقى معلقًا عند ما يسمى مفترق الطرق بينما نغرق أكثر في المستنقع الذي صنعه".

زهرة لم تعد تنتظر أي تغيير جذري. وهي ليست الوحيدة في هذا الشعور. إذا ذكرت كلمة "اختراق" أو "تغيير" أثناء حديثك في سيارة أجرة في طهران، ستواجه غالبًا بابتسامة مليئة بالمرارة، إن لم تكن نظرة مليئة بالسخرية. لماذا نتحدث عن هذا الأمر أو حتى نفكر فيه؟ كما تقول زهرة ببساطة: "التغيير سيحدث عندما يحين وقته، ولا داعي للقلق الآن".

لسنوات، ألقت الحكومة باللوم على العقوبات في كل شيء تقريبًا؛ التضخم الجامح، نقص الطاقة، الكوارث البيئية، نظام الرعاية الصحية الفاشل، وغيرها.

لكن الكثيرين توقفوا عن تصديق هذه الرواية. لقد شاهدوا مليارات تختفي في قضايا فساد متتالية، معظمها تتعلق بمسؤولين وحلفائهم الذين يتفادون العدالة دائمًا.

مهدي، بائع تحول إلى سائق تطبيق "سناب"، يقول: "لا أهتم بالعقوبات.. أطفالي يعانون مع أو دون عقوبات، وأطفال المسؤولين يزدهرون مع أو دون عقوبات".

مهدي (45 عامًا)، أب لطفلين. يقول إن لا مبالاته قد لا تساعد في تحسين وضع بلده، لكنها على الأقل تساعده في الحفاظ على سلامته العقلية.

ويضيف: "يجب أن أعمل 15 ساعة يوميًا، ستة أيام في الأسبوع، لأعيل أسرتي"، يقول وهو يضرب على عجلة القيادة: "لذلك ليس لدي وقت لرسائل الحب والكراهية بين ترامب وخامنئي".

عبارة خامنئي الشهيرة: "لا حرب ولا مفاوضات"، حددت سياسة إيران الخارجية لسنوات. وتتبع تصريحاته الأخيرة نفس المنطق.

يعتقد الكثيرون في طهران أن هذا الموقف المعارض للمفاوضات هو السبب وراء استقالة جواد ظريف من منصبه كمساعد الرئيس للشؤون الاستراتيجية.

ظريف ورئيسه، الرئيس مسعود بزشكيان، يؤيدان بوضوح الحوار مع إدارة ترامب، مما يضعهما في خلاف مع المرشد علي خامنئي حتى لو أعلنا ولاءهما الكامل في كل منعطف.

على الرغم من انتشار اللامبالاة، صوت الكثيرون لبزشكيان لأنهم شعروا أن سياساته المعتدلة قد تزيد من احتمالات انفراج مع الغرب وتخفيف العقوبات التي قد تحسن أوضاعهم الاقتصادية الصعبة.

ميلاد، طالب جامعي يبلغ من العمر 20 عامًا وصوّت لأول مرة لبزشكيان، ويشعر بأنه من الأقلية، يقول "إذا رُفعت العقوبات، ستعود الاستثمارات الأجنبية، وسيتم خلق فرص عمل".

ويضيف ميلاد: "معظم الناس الذين أعرفهم يفضلون عدم التفاوض، ليس لأنهم يدعمون خامنئي، لكن لأنهم يكرهونه ويعتقدون أن الانفراج سيساعده على البقاء لفترة أطول، لكنني أعتقد أنهم مخطئون. خامنئي وعصابته سيكونون على ما يرام. نحن من سنتحمل ضغوط ترامب القصوى".

ميلاد يعتقد أن المفاوضات قد تؤدي إلى تخفيف العقوبات وتحسين الحياة. لكن قلة يشاركونه هذا الرأي، كما قال. ذلك الأمل الخافت الذي دفع بعض الناس إلى صناديق الاقتراع العام الماضي قد مات تمامًا الآن.

ماجد، بائع متجول يبلغ من العمر 28 عامًا، يلخص الوضع باختصار: "عائلتي كانت فقيرة عندما كانت أموال النفط تتدفق، ونحن فقراء الآن مع أقسى العقوبات. نعمل جميعًا 50-60 ساعة في الأسبوع فقط لنعيش. لا أرى كيف سنخرج من هذا".

ويضيف: "النظام ربط بقاءه بتدميرنا. معتدلون أو متشددون في الحكومة، خلال المفاوضات أو في الحرب، معاناتنا مستمرة".

يجلس جد ماجد، المُلقّب بأكبر، على كرسي بجانب حفيده لتمضية الوقت، ويقول: "نحن عالقون في مشكلة سواء كانت هناك مفاوضات أم لا. لذلك، أفضل ألا تحدث أي مفاوضات على الإطلاق. أي أموال ستُضخ في البلاد ستذهب فقط إلى جيوب اللصوص والعصابات التي تحكمنا".

وعندما يُسأل عن رسالة ترامب وإنذاره، يرد أكبر مبتسمًا: "لا أحب أولئك الذين يتصرفون كمتسلطين، لكنني أعترف أننا وصلنا إلى هذا الوضع بسبب خامنئي، وليس بسبب ترامب".

قد يكون الجد أيضًا في الأقلية التي ما زالت تتابع الأخبار بانتظام على الرغم من الاستياء. بالنسبة للأغلبية، كما أستطيع أن أرى، رسالة ترامب، وخطابات خامنئي، والتهديدات والإنذارات الأخيرة بالكاد تثير اهتمامًا.

الناس منهكون. أخبار الحرب أو المفاوضات تسبب فقط تموجًا بسيطًا في المستنقع الاقتصادي الذي علق فيه معظم الناس.

والسؤال الحقيقي بالنسبة للأغلبية هو: إلى متى يمكننا تحمل هذا؟