هل يكون العام الإيراني الجديد عام سقوط نظام طهران؟
كان عام 1403 الإيراني المنتهي عام تراجع نظام طهران، حيث أصبح أكثر ضعفا في العديد من المجالات. فهل يمكن أن تكون المهلة التي منحها ترامب للمرشد علي خامنئي، والضغوط التي يمارسها هي الضربة الأخيرة التي تحول عام 1404 (يبدأ اليوم) إلى عام سقوط نظام النظام؟
الحقيقة هي أن سقوط النظام الإيراني عملية تدريجية ولن تحدث فجأة. ويمكن تشبيه هذه العملية باستخدام المنجنيق في حصار قلعة في الحروب القديمة؛ حيث يضرب الجنود البوابة مرارًا وتكرارًا حتى يتمكنوا في النهاية من اختراقها.
اليوم تواجه إيران، كنظام استبدادي، ضربات متتالية من الشعب الإيراني في مختلف المجالات. هذه الجهود المستمرة، مثل ضربات المنجنيق، تسهم جميعها في إضعاف النظام، ولكن هل يمكنها في النهاية الإطاحة به؟
1- السياسة الداخلية
أحد أهم علامات إضعاف النظام الإيراني في عام 1403 كان الانخفاض الحاد في مشاركة الشعب بالانتخابات الرئاسية بعد الوفاة المشبوهة لإبراهيم رئيسي. هذه الانتخابات سجلت أدنى نسبة مشاركة في تاريخ النظام الإيراني، مما أظهر أن غالبية الشعب لم تعد ترغب بالمشاركة في الانتخابات الشكلية.
حسن روحاني، أحد الوجوه الأمنية في إيران والرئيس السابق، اعترف مؤخرًا بهذه المشكلة، وأكد أنها خسارة للنظام. بالإضافة إلى ذلك، فشل الرئيس مسعود بزشكيان في تحقيق وعوده، بما في ذلك رفع الحجب عن الإنترنت، والتفاعل مع العالم، والتحكم في الغلاء، مما زاد من إحباط الشعب من الانتخابات.
هذا الأمر يعزز احتمالية عودة الاحتجاجات الشعبية، وبالتالي زيادة احتمالية سقوط النظام.
2- الهزائم الكبيرة في السياسة الخارجية
شهدت إيران في عام 1403 هزائم كبيرة في المنطقة. أهم هذه الهزائم تشمل:
* هزيمة حماس أمام إسرائيل: تعرضت حماس لضربة قوية من إسرائيل وفقدت سيطرتها على غزة إلى حد كبير. تم حل حكومتها وبرلمانها، وقُتل قادتها الرئيسيون، بما في ذلك يحيى السنوار، ومحمد الضيف، وإسماعيل هنية. هذه الهزيمة حرمت إيران من أحد أهم أدوات نفوذها في المنطقة.
* هزيمة حزب الله أمام إسرائيل: حزب الله، الذي يُعتبر القوة الأهم التابعة للنظام الإيراني في المنطقة، تعرض لخسائر فادحة في مواجهته مع إسرائيل. تم تدمير العديد من منشآته العسكرية، وقتل العديد من قادته الكبار، بما في ذلك حسن نصر الله، الأمين العام للحزب، وهاشم صفي الدين. في النهاية، اضطر حزب الله إلى قبول وقف إطلاق النار والانسحاب من حدود لبنان وإسرائيل.
* سقوط نظام بشار الأسد: أحد أكبر الضربات التي تلقتها إيران في عام 1403 كان سقوط بشار الأسد. هذا الحدث قضى على أهم قاعدة إقليمية لطهران وأغلق طرق التواصل بين إيران وحزب الله والمجموعات التابعة الأخرى. حتى أن الحكومة الجديدة في سوريا لم تبدِ رغبة في إعادة فتح السفارة الإيرانية في دمشق، مما يدل على تراجع النفوذ الإيراني في هذا البلد.
* تقييد نشاط الحشد الشعبي في العراق: النظام الإيراني الذي كان يتمتع بنفوذ واسع في العراق عبر الحشد الشعبي، شهد في عام 1403 تراجعًا في نشاط هذه المجموعة. هددت الولايات المتحدة وإسرائيل باستهداف العراق إذا استمرت هذه المجموعة في هجماتها، مما دفع الحكومة العراقية إلى الابتعاد عن إيران، بل وحتى إلى احتجاز سفينة إيرانية بتهمة تهريب النفط.
3- الأزمات البنيوية والاقتصادية
شهد عام 1403 أزمات مركبة في البنية التحتية والاقتصاد:
* أزمة الكهرباء: لأول مرة في تاريخ النظام الإيراني، استمرت انقطاعات الكهرباء الواسعة ليس فقط في الصيف، ولكن أيضًا في الخريف والشتاء.
* أزمة الغاز والماء: أدى النقص الحاد في الغاز في شتاء 1403 إلى أزمة طاقة وانقطاعات واسعة في الكهرباء. في الوقت نفسه، واجهت البلاد أزمة مياه حادة.
* التضخم وانهيار العملة الوطنية: وصلت قيمة الريال الإيراني إلى أدنى مستوياتها، وارتفع سعر الدولار إلى 100 ألف تومان. هذه الأزمة الاقتصادية زادت من السخط العام وقللت من شعبية النظام إلى أدنى مستوياتها.
4- هزيمة النظام في الشوارع أمام النساء
في المجال الثقافي والاجتماعي، شهد النظام واحدة من أكبر هزائمه، حيث أصبح العديد من النساء يظهرن في الشوارع دون حجاب إجباري. النظام، خوفًا من الاحتجاجات الشعبية، لم يجرؤ على إصدار قانون جديد للحجاب الإجباري، وأجله إلى وقت لاحق.
مع الأخذ في الاعتبار جميع العوامل المذكورة أعلاه، يبدو أن سقوط نظام طهران أصبح أكثر احتمالًا من أي وقت مضى، على الرغم من عدم القدرة على تحديد جدول زمني محدد لذلك.
يواجه هذا النظام أزمة شرعية واحتجاجات شعبية في الداخل، وفقدان نفوذه في السياسة الخارجية، وأزمات اقتصادية متزايدة، كما أنه يواجه خطر مواجهة عسكرية مع الولايات المتحدة وإسرائيل. الهزيمة في مثل هذه الحرب يمكن أن تضعف نظام إيران أكثر، وتقلل من ثقته بنفسه أمام الشعب، بينما تزيد من ثقة الشعب بنفسه.
وعلى الرغم من أن الإطاحة بنظام سياسي عادة ما تكون عملية تدريجية، إلا أن الظروف الحالية تشير إلى أن "الجمهورية الإسلامية" أصبحت أكثر عرضة للانهيار من أي وقت مضى.
الآن، يبقى السؤال: هل سيكون عام 1404 هو النهاية لهذا النظام؟