"دبلوماسية الزوارق الحربية" تعزز من الضغوط الأميركية على طهران

مراد ويسي
مراد ويسي

محلل سياسي - إيران إنترناشيونال

تعزز الولايات المتحدة الأميركية وجودها العسكري في الشرق الأوسط عبر إرسال المزيد من السفن الحربية والقاذفات، بينما تحاول إيران إظهار جاهزيتها لأي مواجهة. ويقوم الطرفان باستعراض قوتيهما مع استمرار الحرب الكلامية لإجبار الخصم على التراجع.

وفي أحدث التحركات، أعلنت الولايات المتحدة إرسال حاملة الطائرات "يو إس إس كارل فينسون" من المحيط الهادئ إلى منطقة عمليات القيادة المركزية (سنتكوم) بالقرب من إيران، ومن المتوقع وصولها خلال أسبوعين.

وسيعزز انتشار هذه الحاملة القدرات الجوية والبحرية الأميركية لمواجهة إيران وميليشياتها، بما في ذلك الحوثيين الذين يواجهون الولايات المتحدة حالياً.

تعزيز القوة الجوية

من أهم أسباب إرسال حاملة الطائرات "كارل فينسون" أنها مجهزة بمقاتلات "إف-35" المتطورة الشبحية.

يزيد انتشار هذه المقاتلات في المنطقة من قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ هجمات محتملة في العمق الإيراني، حيث يصعب على أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية التي تعرضت لأضرار في الهجوم الإسرائيلي الأخير رصد هذه الطائرات الشبحية أو التعامل معها.

في عام 2021، أصبحت "كارل فينسون" أول حاملة طائرات أميركية تستخدم عملياً مقاتلات "إف-35 سي". قررت الولايات المتحدة الآن إرسال "كارل فينسون" الحاملة لطائرات "إف-35" إلى الشرق الأوسط، بينما تنقل حاملة الطائرات "نيميتز" المجهزة بمقاتلات "إف-18" إلى منطقة المحيط الهادئ بالقرب من الصين وكوريا الشمالية.

يمنح وجود مقاتلات "إف-35" على متن "كارل فينسون" الولايات المتحدة القدرة على مهاجمة المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية دون الحاجة إلى القواعد العسكرية في الدول العربية بالمنطقة.

هذا الأمر مهم لأن إيران حذرت من أنها ستستهدف أي دول في المنطقة تسمح باستخدام قواعدها في الهجوم عليها.

لا يسمح انتشار "إف-35" في المنطقة للولايات المتحدة بمهاجمة المنشآت العسكرية الإيرانية العميقة فحسب، بل في حالة التعاون الإسرائيلي الأميركي لتنفيذ عملية واسعة النطاق، يمكن استخدام عدد كبير من هذه المقاتلات المتطورة في وقت واحد. إسرائيل هي حالياً الدولة الوحيدة في المنطقة التي اشترت 75 مقاتلة "إف-35" من الولايات المتحدة.

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، استخدمت إسرائيل مقاتلات "إف-35" في عملية "يوم الغفران" لمهاجمة منشآت الصواريخ والدفاع الجوي التابعة لإيران.

تبلغ أهمية هذه المقاتلات للولايات المتحدة وإسرائيل درجة أن واشنطن امتنعت حتى الآن عن بيع "إف-35" للإمارات وقطر رغم العلاقات العسكرية الوثيقة معهما.

قطر، التي تستضيف مقر القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) في المنطقة، قدمت طلباً لشراء مقاتلات "إف-35" قبل حوالي خمس سنوات.

خلال رئاسة دونالد ترامب، وبعد تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، صدرت موافقة لبيع هذه المقاتلات للإمارات، لكن الاتفاقية لم تكتمل بعد تولي جو بايدن الرئاسة. تشير بعض التقارير الآن إلى أن الإمارات قد تستأنف المفاوضات لشراء هذه المقاتلات.

بالإضافة إلى طائرات "إف-35"، فإن حاملة الطائرات "كارل فينسون" مجهزة أيضاً بمقاتلات "إف-18" التي تعزز القدرات الجوية الأميركية ضد إيران.

حالياً، توجد أيضاً حاملة الطائرات "هاري ترومان" في البحر الأحمر تحمل ما بين 70 إلى 90 طائرة، معظمها من طراز "إف-18" ومروحيات عسكرية.

نشر قاذفات القنابل "B-52" بالقرب من إيران

إلى جانب حاملات الطائرات، نشرت الولايات المتحدة قاذفات "بي-52" الثقيلة بالقرب من إيران. توجد هذه القاذفات بقاعدة "العُديد" الجوية في قطر وقاعدة "دييغو غارسيا" في المحيط الهندي.

أجرت هذه القاذفات مؤخراً تدريبات محاكاة لهجوم على المنشآت الإيرانية في البحر المتوسط بالتعاون مع المقاتلات الإسرائيلية.

كما نشرت الولايات المتحدة مقاتلاتها في قاعدة "الظفرة" في الإمارات وقاعدتي "علي سالم" و"أحمد الجابر" في الكويت. هذه القدرات الجوية تمكن الولايات المتحدة من تنفيذ هجمات جوية واسعة النطاق ضد إيران.

"دبلوماسية الزوارق الحربية"

يمثل نشر حاملة الطائرات الأميركية الثانية في المنطقة جزءاً من "دبلوماسية الزوارق الحربية". تم اعتماد هذه الاستراتيجية لزيادة الضغط العسكري وتهديد النظام الإيراني للتراجع وقبول الاتفاقات التي تريدها الولايات المتحدة.

أكد ترامب مؤخراً أنه لن يسمح للنظام الإيراني بالحصول على أسلحة نووية، سواء عبر الاتفاق أو العمل العسكري.

بالإضافة إلى ذلك، يتيح وجود هذه الحاملات للولايات المتحدة تحقيق النصر على الحوثيين من موقع القوة، وتأمين السلامة البحرية في البحر الأحمر التي لها أهمية اقتصادية كبيرة للعالم.

ستصل حاملة الطائرات "كارل فينسون" إلى المنطقة برفقة ثلاث مدمرات صاروخية، مما يعزز قدرة الولايات المتحدة على إطلاق صواريخ كروز على الأهداف العسكرية الإيرانية.

بشكل عام، لا يعزز نشر حاملة الطائرات "كارل فينسون" في المنطقة القدرات الجوية والبحرية الأميركية ضد إيران فحسب، بل يرسل أيضاً رسالة واضحة إلى طهران مفادها أنه في حالة عدم التراجع، فإن الخيار العسكري سيكون على الطاولة بجدية.

وإذا لم تتراجع طهران أمام هذه الضغوط، فقد تتحول هذه التعزيزات العسكرية من أداة تهديد إلى أداة للعمل العسكري.