بعد تراجع تأييد حلفائه الأيديولوجيين.. هل سيلقى خامنئي مصيرًا مشابهًا لمصير الأسد؟

كتبت مجلة "فورين بوليسي" في مقال تحليلي أن المؤيدين الأيديولوجيين المخلصين للمرشد الإيراني علي خامنئي والحرس الثوري يتخلون تدريجيًا عن النظام بسبب ما يصفونه بـ"الخيانة" لمبادئهم، وبالتالي يواجه النظام انقسامات متزايدة تشبه الانهيار التدريجي لنظام بشار الأسد في سوريا.

وأشار المقال إلى أن نظام طهران، بعد 46 عامًا من تأسيسه، يواجه لأول مرة السؤال التالي: هل ستظل "النواة الصلبة" من أنصاره، الذين يشكلون جنود جهاز القمع، تدافع عنه دون تردد إذا اندلعت احتجاجات جديدة في إيران؟

ووفقًا لكتّاب المقال، فإن أسئلة من هذا النوع أثارت الذعر بين النخبة الحاكمة في النظام الإيراني، لأنهم يدركون جيدًا أن هذا الشعور بالإحباط، وفي نهاية المطاف التخلي عن قوات القمع التابعة لديكتاتورية الأسد، هو ما أدى إلى انهيار نظام البعث في سوريا.

فقدان الشرعية التدريجي

على مدى أكثر من أربعة عقود، اعتمد النظام الإيراني على فئات اجتماعية مختلفة للحفاظ على سلطته. فمنذ ثورة 1979، التي حظيت بدعم كبير من مختلف الشرائح، وحتى اليوم، فقدت السلطة الحاكمة تدريجيًا دعم جميع الفئات التي كانت تدّعي يومًا تمثيلها تقريبًا.

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أنه خلال العقد الأول من الثورة، بدأ النظام الإيراني يفقد دعم الطبقة الاجتماعية الحديثة في إيران بسبب تطبيقه سياسات إسلامية صارمة.

كما منحت الحرب الإيرانية العراقية التي استمرت ثماني سنوات روح الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، سلطات غير مسبوقة للقضاء على القوى العلمانية التي ساهمت في الإطاحة بحكومة الشاه.

بدأت التغيرات الكبرى في المجتمع الإيراني خلال العقد الثاني من الثورة. أدى الإرهاق من الحرب ونمو السكان الشباب في إيران إلى ظهور اتجاه جديد للعلمانية والليبرالية بين الطبقات الوسطى في إيران، وفي المقابل، إلى قمع شديد من قبل النظام.

بلغ هذا القمع ذروته في عام 2009 مع التزوير في الانتخابات الرئاسية والتعامل القاسي مع الاحتجاجات اللاحقة، ما أدى إلى فقدان النظام دعم الطبقة الوسطى بالكامل.

ثم جاءت المشكلات الاقتصادية بعد حوالي عقد من الزمن، والتي أدت لأول مرة إلى تراجع دعم الطبقات العاملة والريفية للنظام، وهي الطبقة التي كان الخميني يطلق عليها دائمًا "الطبقة المستضعفة"، وكانت تشكل القاعدة التقليدية لمؤيدي النظام.

تفاقمت عدم القدرة على توفير الاحتياجات اليومية للإيرانيين بسبب سوء إدارة النظام، والفساد الحكومي الواسع النطاق، والضغوط الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الدولية، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات في الشوارع.

برزت هذه التظاهرات بشكل أكبر في عامي 2017 و2019، حيث تولت الطبقات العاملة الإيرانية في مدن مثل مشهد وقم، التي كان يعتبرها النظام معقلاً له، قيادة الاحتجاجات.

كان القمع الشديد لهذه الاحتجاجات من قبل الحرس الثوري، خاصة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 حيث قُتل 1500 شخص في أيام قليلة، المسمار الأخير في نعش نظام الجمهورية الإسلامية، مما دفع الطبقة الدنيا إلى التخلي عن النظام إلى الأبد.

النواة الصلبة

منذ عام 2019، الذي تزامن تقريبًا مع الذكرى الأربعين للثورة الإسلامية، أصبحت قاعدة مؤيدي النظام تعتمد كليًا على حلقة أيديولوجية ضيقة ومتشددة.

تدعم هذه الشريحة الاجتماعية، المعروفة بـ"النواة الصلبة"، النظام لأسباب أيديولوجية إسلامية.

يعتمد دعم هذه "النواة الصلبة" على فرض سياسات إسلامية صارمة داخل البلاد وخارجها، والتي يعتبرونها "العدالة الإسلامية".

تشمل هذه السياسات دائرة واسعة مثل دوريات شرطة الأخلاق في إيران، ودعم "محور المقاومة" والقوات الوكيلة، وسياسة معاداة اليهود وشعار تدمير إسرائيل، والمعارضة الشديدة لأميركا، والسعي لتطوير الأسلحة النووية، وهي العناصر الأساسية لـ"الأيديولوجية الثورية الإسلامية".

على مدى أربعة عقود، شكلت إيران مجتمعًا من "الموالين" لتعزيز هذه القاعدة الصلبة، ووضعتهم في مواجهة الجزء الأكبر من المجتمع الإيراني الذي يُطلق عليه "الغرباء".

يشكل هؤلاء "الموالون" العناصر الأساسية للحكومة والدولة، ويحصلون على دعم مالي، ويعبرون عن التزامهم الأيديولوجي من خلال أفعال مثل المشاركة التطوعية في مسيرات الدعاية للنظام.

كما تعمل قواتهم غير النظامية كحراس للحجاب، وفي الاحتجاجات الشعبية، ينزلون إلى الشوارع لقمع المتظاهرين.

على الرغم من عدم وجود إحصاءات رسمية عن عدد الأفراد الذين يشكلون هذه النواة الصلبة، إلا أن "فورين بوليسي" استندت إلى تقديرات تشير إلى أن هذا المجتمع لا يتجاوز ثمانية ملايين شخص؛ "هذا العدد، الذي يمثل حوالي 10% من سكان إيران، هو على الأرجح نفس الأشخاص الذين تلقوا طواعية لقاح كوفيد-19 الذي أنتجه الحرس الثوري بدلاً من اللقاحات المعتمدة دوليًا".