مقترحات بتنظيم استفتاء في إيران لـ"كسر الجمود" مع أميركا
قال محلل سياسي بارز في طهران إن أفضل طريقة للمرشد علي خامنئي لكسر الجمود الحالي هي تنظيم استفتاء وطني حول مسألة الحرب أو السلام مع الولايات المتحدة.
وفي خطابين ألقاهما خلال الأيام الأولى من عيد النوروز، بدا أن خامنئي قدّم ردًا غير مباشر على رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي اقترحت صفقة جديدة.
في كلمته الأولى، وهي رسالة مسجلة مسبقًا بثها التلفزيون الحكومي، لام خامنئي الولايات المتحدة على زعزعة استقرار المنطقة.
وفي الثانية، التي ألقاها مباشرةً، نفى قيادة طهران لأي قوات وكيلة في المنطقة، لكنه حذر واشنطن من رد قوي على أي تحركات عسكرية أميركية ضد إيران.
ولم تصدر طهران بعد رداً رسميًا على رسالة ترامب، حيث لم يتم الكشف عن تفاصيل كثيرة حول مضمون الرسالة.
في مقابلة ليلة رأس السنة الإيرانية مع التلفزيون الحكومي، قال وزير الخارجية عباس عراقجي إن رسالة ترامب تضمنت "تهديدات كثيرة وبعض الفرص".
وأضاف أن طهران لا تزال تدرس الرسالة. وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام أميركية أن ترامب أعطى المرشد شهرين للتفكير قبل الرد.
وفي بدا أنه محاولة لتخفيف الضغط على خامنئي، اقترح المحلل الإصلاحي أحمد زيد آبادي في تغريدة قيام النظام الإيراني بتنظيم استفتاء لتحديد إرادة الشعب.
وبالنظر إلى المخاوف واسعة الانتشار التي تم التعبير عنها على وسائل التواصل الاجتماعي وفي المكالمات الهاتفية المباشرة إلى القنوات التلفزيونية الفارسية الموجودة في أوروبا والولايات المتحدة، من الواضح أن الاقتصاد- وتأثيره على الحياة اليومية- يمثل أولوية قصوى بالنسبة لمعظم الإيرانيين. ولن يكون من الصعب التنبؤ بالنتيجة المحتملة لمثل هذا الاستفتاء.
في منشور على منصة "إكس"، كتب أحمد زيد آبادي أن أمام إيران شهرين للاختيار بين الحرب والاتفاق مع الولايات المتحدة.
وقال: "يجب على طهران اتخاذ قرار، بينما لا يزال مسؤولوها غير مستعدين لأي من الخيارين"، مضيفاً: "هم يعتقدون أن الاتفاق سيؤدي إلى إهانة، في حين أن الحرب قد تكون كارثية. ولذلك يترددون في اتخاذ قرار".
وحذر زيد آبادي من أن البعض يبحثون عن ما يسمى بـ"الطريق الثالث"؛ وهو طريق قد يؤدي في نهاية المطاف إلى الإهانة والدمار معًا.
وأشار إلى أن الوضع الحالي كان متوقعًا، وفي الواقع، تنبأ به بعض السياسيين، لكن تحذيراتهم لم تُؤخذ على محمل الجد.
وأشار أيضًا إلى أنه على الرغم من أن الاستفتاءات مذكورة في المادة 59 من الدستور الإيراني كأدوات لحل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المعقدة، إلا أنها لم تُعرَّف بشكل واضح ولم تُتابع بجدية ضمن إطار النظام الإيراني.
ومع ذلك، رفض خامنئي باستمرار فكرة إجراء استفتاء بشأن أي قضية، متجاهلًا المقترحات حتى من شخصيات مؤيدة مثل الرئيسين السابقين حسن روحاني ومحمد خاتمي في عدة مناسبات.
لكن، يمكن أن يوفر الاستفتاء له مخرجًا من الأزمة الحالية؛ مما يسمح له بنقل عبء أي تسوية محتملة مع الولايات المتحدة إلى الشعب.
ومع ذلك، فإن العديد ممن علقوا على منشور زيد آبادي على منصة "إكس" أكدوا أن استفتاءً حقيقيًا لا يمكن أن يحدث في الظروف الحالية.
وأشاروا إلى أنه دون صحافة حرة، وأحزاب سياسية فاعلة، ومناقشة عامة مفتوحة، سيكون من المستحيل تنظيم تصويت حقيقي.
كما دعوا إلى إنهاء اعتقال النشطاء السياسيين، ورفع الحظر عن منصات التواصل الاجتماعي، وضمان حرية التعبير والتجمع كشروط أساسية لأي استفتاء موثوق.
ويعتقد بعض المحللين أن المزيج من التهديدات والتحدي في خطابات خامنئي الأخيرة يشير إلى أنه يفكر بصوت عالٍ، ويبحث عن مخرج للأزمة الحالية.
وكما اعترف في خطابه الأول، التحدي الرئيسي الذي تواجهه إيران هو الاقتصاد المتعثر، والذي تضرر بشدة بسبب العقوبات الأميركية.
وبينما هو غير مستعد للظهور مذعنًا لخصمه اللدود، أميركا، قد يكون المسار الوحيد الممكن لتخفيف الأعباء الاقتصادية هو قبول شروط ترامب؛ وهو خيار سيكون صعبًا للغاية بالنسبة لشخصية معروفة بموقفها غير المرن.
وأشار آخرون إلى أن النظام كان يتجاهل باستمرار الرأي العام في الماضي، وأن إجراء استفتاء الآن سيكون بمثابة نقل المسؤولية إلى الشعب لأي تسوية محتملة.
وعبر البعض عن شكوكهم بأن النظام الإيراني سيلتزم حقًا بإرادة الشعب حتى بعد إجراء استفتاء.
وعلق أحد المستخدمين قائلاً إنه، كالعادة، سيتعين على الإيرانيين الاختيار بين "السيئ والأسوأ". ومع ذلك، تكهن البعض بأن زيد آبادي ربما يأمل في أن الاستفتاء قد يمنح الإصلاحيين الذين يشاركونه نفس الأفكار فرصة للمشاركة بحرية أكبر في العملية السياسية.