خاص

وثيقة سرية: إدارة ترامب استأنفت المساعدات للمشاريع المتعلقة بإيران

أفادت وثيقة سرية حصلت عليها "إيران إنترناشيونال"، بأن الحكومة الأميركية استأنفت تقريبًا جميع برامج المساعدات المالية المرتبطة بإيران، وفقا لتصريحات عدد ممن تلقوا هذه المساعدات.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد علّقت في يناير (كانون الثاني) الماضي تمويل العديد من المشاريع المتعلقة بإيران، بما في ذلك مجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان الإيرانية، ومشاريع حرية الإنترنت، ومنظمات المجتمع المدني. بموجب أمر تنفيذي من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

جاء هذا الإجراء كجزء من مراجعة أوسع للمساعدات الخارجية الأميركية في إطار سياسة "أميركا أولا" التي تبنتها إدارة ترامب.

وكان من المقرر أن يستمر تعليق المساعدات، الذي تم الإعلان عنه في 20 يناير الماضي، لمدة 90 يومًا، لكن يبدو أن المراجعات انتهت في وقت أقرب من المتوقع.

وقد حصلت "إيران إنترناشيونال" على قائمة "المساعدات المالية النشطة" الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية، والتي تُظهر أن جميع المشاريع المتعلقة بإيران تقريبًا قد أصبحت "باللون الأخضر"، ما يشير إلى استئناف الدعم لها.

ولم ترد وزارة الخارجية الأميركية بعد على طلبات التعليق بشأن هذا الأمر.

وقال العديد من متلقي هذه المساعدات، والذين فضل معظمهم عدم الكشف عن هويتهم، لـ"إيران إنترناشيونال" إن المساعدات المالية قد أُعيدت إليهم، وإن أنشطتهم ستستأنف قريبًا.

الشخص الوحيد الذي وافق على الحديث علنًا هو أحمد أحمديان، الناشط في مجال حرية الإنترنت في إيران ومدير منظمة "المقاومة الشاملة" (Holistic Resilience)، وهي منظمة غير حكومية مقرها كاليفورنيا تعمل في مجال تطوير تقنيات مكافحة الرقابة والبحث والنشاط الحقوقي.

وقد رحّب أحمديان بقرار الحكومة الأميركية استئناف الدعم لمنظمات مثل منظمته، قائلًا: "الضغط على حكام إيران ودعم الشعب الإيراني في الوقت نفسه ليس ممكنًا فحسب، بل هو ضروري؛ لا سيما إذا أرادت الولايات المتحدة إحداث تغيير حقيقي في إيران وما بعدها."

وأضاف في حديثه لـ"إيران إنترناشيونال": "سياسة إدارة ترامب تستند إلى زيادة الفعالية وتجنب خوض حرب جديدة، وبناءً على ذلك، فإن المجتمع المدني الإيراني يظل الخيار الأكثر تفاؤلًا لتحقيق هذا الهدف وتغيير سلوك الحكومة الإيرانية."

كما شدد أحمديان على ضرورة إجراء بعض التعديلات في كيفية تقديم هذه المساعدات، قائلًا: "أعتقد أن المشاريع الجديدة يجب أن تكون ذات عوائد واضحة، وأن يكون هناك مزيد من الشفافية، والتركيز على القيم المشتركة بين الشعبين الإيراني والأميركي، وتحقيق نتائج ملموسة."

تأثير الأمر التنفيذي لترامب على المجتمع المدني في إيران

قبل تعليق هذه المساعدات، كانت الولايات المتحدة تدعم العديد من مقدمي خدمات الـ"VPN" (الشبكات الخاصة الافتراضية)، والتي تساعد الإيرانيين في تجاوز الرقابة الحكومية.

كما كانت الولايات المتحدة تدعم مشاريع تهدف إلى تعزيز حرية الصحافة، وتمكين المجتمع المدني، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، وجميع هذه المبادرات تأثرت بالأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب.

وقد أثار تعليق هذه المساعدات، الذي أُعلن عنه في أول يوم عمل لترامب في البيت الأبيض، انتقادات واسعة بين النشطاء الإيرانيين، الذين رأوا أن القرار يصب في مصلحة الحكومة الإيرانية أكثر من غيرها.

ويعتقد المستفيدون من هذه المساعدات أن استئناف الدعم الأميركي سيغيّر الأوضاع.

وقال أحد هؤلاء المستفيدين، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"إيران إنترناشيونال": "حاولت الحكومة الإيرانية استغلال التعليق المؤقت للمساعدات كأداة دعائية، وادعت أن هذه المشاريع غير فعالة ولا تأثير لها. لكن الواقع هو أن هذه المشاريع كان لها تأثير ملموس داخل المجتمع الإيراني."

وأضاف: "أثبتت إدارة ترامب أنها تولي اهتمامًا للمشاريع المتعلقة بإيران. وأتوقع أن يتم تقديم المزيد من الدعم لهذا القطاع، لأن هذه المشاريع تتماشى تمامًا مع سياسة (أميركا أولًا)".

السياق السياسي المتوتر بين واشنطن وطهران

حتى الآن، لم تُصدر وزارة الخارجية الأميركية أي تصريحات علنية حول نتائج مراجعتها أو أسباب استئناف هذه المساعدات.

يأتي تعليق واستئناف هذه المساعدات وسط تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران. فقد كثّف ترامب في الأسابيع الأخيرة الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية على إيران، ووجّه رسالة إلى المرشد الإيراني، علي خامنئي، يحذّره فيها من أنه يجب إما الموافقة على اتفاق جديد يقيّد البرنامج النووي الإيراني، أو مواجهة عواقب وخيمة.

وردّ خامنئي على هذه الرسالة بإعلانه أنه لن تكون هناك أي مفاوضات مباشرة طالما استمرت الضغوط، وأن إيران لن تستسلم لمطالب الولايات المتحدة.

ومع تصاعد التوترات بين الجانبين، تزايدت المخاوف من تفاقم الأزمة، لا سيما في ظل تعزيز الولايات المتحدة لوجودها العسكري في الشرق الأوسط والمحيط الهندي.

ووفقًا لأحدث التقييمات الاستخباراتية الأميركية، فإن النفوذ الإقليمي لإيران قد تراجع، وأن حالة السخط الداخلي قد تؤدي إلى احتجاجات واسعة النطاق مشابهة لتلك التي حدثت في السنوات الأخيرة.

ويرى المحللون أن قرار استئناف المساعدات للمشاريع المتعلقة بإيران قد يكون مرتبطًا بمثل هذه التقييمات الاستراتيجية.