خلال مراسم تنصيب مسعود بزشكيان رئيسًا جديدا لإيران، التي أقيمت الأحد 28 يوليو (تموز) بحضور المرشد علي خامنئي، ومسؤولين ومواطنين ووفود من الداخل والخارج، تبادل الرئيس الجديد والمرشد تصريحات مطمئنة لبعضهما البعض بأنهما سيسيران على النهج السابق، ولو على حساب الشعب والمواطن الإيراني.

وقال خامنئي، في كلمته، مخاطبًا بزشكيان: "أعلن تعيينك رئيسًا للجمهورية الإسلامية في إيران"، وهي عبارة لم يستخدمها من قبل، وفسرها محللون إيرانيون بأن المرشد يريد التأكيد للرئيس الجديد أنه هو من يقوم بتعيينه، وبإمكانه عزله كذلك، في حال ساءت الأمور بينهما.

في المقابل طمأن الرئيس الجديد، في أول كلمة رسمية له، المرشد والنظام الإيراني، بأن مسؤوليته في قصر الرئاسة هي تحقيق الأهداف والالتزام بالرؤية التي وضعها خامنئي للبلاد.

عبارتان تبادلاهما المرشد ورئيس الجمهورية الجديد تكشفان عن مستقبل السياسة الإيرانية داخليًا وخارجيًا، خلال الأعوام الأربعة المقبلة.

ووضع خامنئي، في كلمته، أمام الرئيس الجديد، أولويات النظام، في السياسة الداخلية والخارجية؛ حيث أوصاه بالتقارب والعمل مع دول الجوار وآسيا وأفريقيا والشرق المتمثل بالصين وروسيا، واستثنى الولايات المتحدة والدول المتقدمة والأوروبية؛ لمعارضاتها سياساته وانتقادها لأوضاع حقوق الإنسان في إيران.

ولم يتحدث خامنئي أو الرئيس الجديد عن العقوبات، التي قصمت ظهر المواطن الإيراني، لكن المرشد أكد ضرورة أن يحتل الاقتصاد وحل المشكلات الاقتصادية، صدارة أولويات الحكومة، وهي "الأولوية"، التي تتعارض مع سياسات النظام الخارجية، سواء في المنطقة أو العالم.

حديث خامنئي هذا وتوصياته للحكومة بالحفاظ على النهج السابق في التعامل مع القضايا الساخنة داخليًا وخارجيًا يعني أن العقوبات الدولية، والضغوط على المواطن، والفجوة بين الشعب والنظام، ستبقى على حالها أربعة أعوام مقبلة؛ لأن ما ذكره المرشد، خلال مراسم تنصيب بزشكيان، تكرارًا لمكررات وتأكيدًا لمؤكدات سابقة ملّ منها المواطن الإيراني، الذي يكاد لا يرى تغييرًا أو إصلاحًا إلا في "موت المرشد"، بعد أن فشلت انتفاضاته واحتجاجاته السابقة المطالبة بالتغيير.

أما المفاجئ في حديث بزشكيان، خلافًا لتصريحاته في المناظرات الانتخابية بشأن دفاعه عن حقوق المواطنين الاجتماعية والسياسية، هو تأكيده، خلال المراسم، أنه لا يختلف عن الرؤساء السابقين، مثل حسن روحاني، وحتى إبراهيم رئيسي في الخنوع للمرشد، بل وأكد أيضًا أنه جاء رئيسًا؛ لتنفيذ سياسات المرشد وأهدافه.

ولم يتحدث المسؤولان الأول والثاني في النظام عن تحذيرات الخبراء من تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، غير أن خامنئي أوصى الحكومة الجديدة بأمر اعتبره المحللون الإيرانيون "مضحكًا"، وهو "أن تكون مواجهة الحكومة للأزمات، مثل قدرة الذكاء الاصطناعي على حل المشكلات"، لكن المرشد نسى أو تناسى أن الذكاء الاصطناعي مبني على الحداثة العلمية والإنترنت القوي، في حين يعاني المواطن الإيراني قطع هذه الخدمة الضرورية؛ حيث لا يمكنه استخدامها، إلا عبر بطاقات كسر الحجب!

والنتيجة، التي خرج بها المواطن الإيراني، بعد مراسم تنصيب بزشكيان، هي أنه تم خداعه مرة أخرى في وعود إصلاحي جديد، وأن سياسة النظام الداخلية والخارجية ستبقى على حالها دون تغيير، خلال الأعوام الأربعة المقبلة.

وأقتبس هنا تعليقًا من زميلي في "إيران إنترناشيونال"، المحلل والدبلوماسي السابق، حسين علي زاده، حول بدء الرئيس الجديد مهامه والأمل في التغيير: "ما لم نغير مسار السكة الحديد سنكون أمام المصير نفسه ذهابًا وإيابًا، حتى لو غيّرنا القطار وجميع العربات والسائق".

وفي قضية الحكومة الجديدة "القطار هو القطار والسكة هي السكة"، التي سار عليها نجاد وروحاني ورئيسي.

مزيد من الأخبار